مدينة الكوة السودانية، تقع على الضفة الشرقية من نهر النيل الأبيض، وعلى بعد 260 كيلومترا جنوب مدينة الخرطوم، عاصمة السودان، وتصنف إداريا كمدينة تابعة لولاية النيل الأبيض، وتقع شمال مدينة (ربك) عاصمة الولاية، وتبعد 35 كيلومترا تقريبا جنوب مدينة (الدويم) الواقعة أيضا على الضفة الغربية للنيل الأبيض.
مدينة الكوة السودانية: سر التسمية
الكَوَّةَ : بفتح الكاف وتشديد الواو وفتح الهاء، على اسم مدينة أثرية قديمة معروفة في شمال السودان، ولفظ (كوة) يقصد به انحناءة النهر في لغة قبيلة (الدناقلة) ، أول من سكن المدينة في العصر الحديث، ويكاد يكون الاسم وصفا لموقع الكَوَّة الحديثة حيث تقع في إحدى انحناءات نهر النيل الأبيض.
الموقع الجغرافي المميز لمدينة الكوة، صنع منها مركزا حضاريا مهما في نطاقها الجغرافي، فالأرض خصبة، تكثر فيها الحدائق والبساتين وزراعات قصب السكر لذا يحيط بها ثلاث مصانع لتكرير السكر هي (مصنع سكر عسلاية و مصنع سكر كنانة و مصنع سكر النيل الأبيض )
مدينة الكوة قديما
المدينة قديمة، ترجع إلى 4000 عام قبل الميلاد، وقد وجد بها آثار تعود للعصر الحجري، أبرزها أعمدة حجرية وقطع من الأدوات الفخارية، ترجع لحضارة قديمة تسمى ” حضارة الشهيناب”، بالإضافة لآثار لمعبد الإله آمون الذي بناه الفراعنة، ويوجد بالمدينة آثار لملوك الكوشيين أصحاب الحضارة النوبية التي عاصرت الحضارة الفرعونية، كما وجدت آثار لقصر يعرف باسم “قصر أم صبرو” ومازالت آثاره باقية حتى اليوم، وقد عرفت الكوة قديما باسم ( أليس) ، ومعناه ” الميناء” في اللغة النوبية، حيث كانت ميناءا ومرسى للعابرين بين ضفتي النهر شرقا وغربا أو شمالا ناحية مصر.
أقيم بمدينة الكوة، مركزا للبريد والبرق في العهد العثماني، وظلت المدينة مركزاً تجارياً هاما حتى عام 1825 م، وهو ذات المركز، الذي أرسل منه الزعيم السوداني، قائد الثورة المهدية (الإمام المهدي) أشهر برقياته للحاكم التركي في الخرطوم، والتي طالبه فيها برفع الضرائب الباهظة التي فرضها على السودانيين.
رجالات الكوة
مدينة الكوة مدينة علم وعلماء ومتعلمين، ففي عام 1905 تم افتتاح أول مدرسة ابتدائية بالمدينة، و ثاني مدرسة على نطاق السودان بالكامل، بعد ثلاث سنوات من إنشاء كلية غوردون، أول منشأة في العصر الحديث لغرض التعليم في السودان، والتي بنيت لتخليد ذكرى الحاكم البريطاني تشارلز غوردون، المقتول إبان ثورة الإمام المهدي.
اقرأ أيضا: هل قبيلة القمر عربية؟ تعرف على أشهر القبائل السودانية و أصولها
الوجود المبكر للمدرسة، كان له تأثير كبير في ظهور المتعلمين والمثقفين السودانيين، والذين يرجعون في أصولهم إلى مدينة الكوة، كما كان لتأثير العلم في تغيير ثقافة الناس وفكرة قبولهم للآخر حيث استقبلوا طلاب علم من خارج المدينة، على خلاف التعامل المباشر مع التجار والغرباء، الذين يقصدون المدينة بحكم كونها مركزا تجاريا، ولذلك فمجتمع مدينة الكوة يعتبر من المجتمعات السودانية المثالية في التعايش والترابط و اختفاء مظاهر القبلية، مما جعل منها مدينة تستوعب كل القبائل والعشائر.
من أبرز رجال مدينة الكوة، وكان له دور رائد في الحياة السودانية، على جميع المستويات، اجتماعيا، واقتصاديا، وثقافيا، وسياسيا:
- قاسم عثمان نور، وهو متخصص في علم المكتبات والتوثيق، أقام عدة معارض دائمة للكتاب، وأنشأ (مركز قاسم للمعلومات) وله برنامج إذاعي شهير بالإذاعة السودانية اسمه «من المكتبة السودانية».
- التجاني محمد الماحي، يلقب بـ (أبو الطب النفسي) في السودان، وهو مثقف موسوعي يهتم بمجالات الثقافة واللغات والفكر والتاريخ والفقه وأصوله، وقد أهدى مكتبته الخاصة لجامعة الخرطوم .
- عمر الحاج موسى، وزير الإرشاد القومي الأسبق، تولى قيادة سلاح الإشارة بالجيش السوداني.